العارف بالله
من هو العارف بالله ؟
دعونا نتعرف على
ما يحمله هذا الاصطلاح من معانى ...
قال الغزاليّ
- رضى الله عنه - :
أخوف النّاس لربّه
أعرفهم بنفسه وبربّه، ولذلك قال صلّى الله عليه وسلّم:
«أنا أخوفكم لله»
، وكذلك قال تعالى: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ (فاطر/ 28)
ثمّ إذا كملت المعرفة
أورثت جلال الخوف واحتراق القلب .
إحياء علوم الدين
ج 4 ص 164
و قال الغزاليّ
- رضى الله عنه - :
الخوف من المعصية
خوف الصّالحين، والخوف من الله خوف الموحّدين والصّدّيقين وهو ثمرة المعرفة بالله تعالى،
وكلّ من عرفه وعرف صفاته علم من صفاته ما هو جدير بأن يخاف من غير جناية .
إحياء علوم الدين
ج 4 ص 167
و قال لا وصول
إلى سعادة لقاء الله في الآخرة إلّا بتحصيل محبّته والأنس به في الدّنيا، ولا تحصل
المحبّة إلّا بالمعرفة، ولا تحصل المعرفة إلّا بدوام الفكر .
إحياء علوم الدين
ج 4 ص 168 (ط. دار الريان، القاهرة) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الشّبليّ رضى
الله عنه : ليس لعارف علاقة، ولا لمحبّ شكوى، ولا لعبد دعوى، ولا لخائف قرار، ولا لأحد من الله فرار
.
بصائر ذوي التمييز
ج 4 ص 52
قال الفيروزاباديّ
( تعقيبا على كلام الشّبليّ ) :
وهذا كلام جيّد،
فإنّ المعرفة الصّحيحة تقطع من القلب العلائق كلّها،
وتعلّقه بمعروفه
فلا يبقى فيه علاقة لغيره، ولا تمرّ به العلائق إلّا وهي مجتازة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال ابن عطاء الله
السكندرى (رضى الله عنه ):
المعرفة على ثلاثة
أركان : الهيبة ، والحياء ، والأنس .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال هرم بن حيّان
: المؤمن إذا عرف ربّه عزّ وجلّ أحبّه، وإذا أحبّه أقبل إليه.
وقال أيضا : من
عرف نفسه وعرف ربّه
عرف قطعا أنّه
لا وجود له من ذاته إنّما وجود ذاته ودوام وجوده
وكمال وجوده من
الله وإلى الله وبالله .
الإحياء ج 4 ص
313، 318 (ط. الريان) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال ذو النّون
رضى الله عنه : الزّهّاد ملوك الآخرة، وهم فقراء العارفين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سئل الجنيد عن
العارف فقال: لون الماء لون إنائه. وهذه كلمة رمز بها إلى حقيقة
العبوديّة، وهو
أنّه يتلّون في أقسام العبوديّة، فبينا تراه مصلّيا، إذ رأيته ذاكرا أو
قارئا، أو متعلّما،
أو معلّما، أو مجاهدا، أو حاجّا، أو مساعدا للضّعيف، أو معينا
للملهوف، فيضرب
في كلّ غنيمة بسهم. فهو مع المنتسبين منتسب، ومع المتعلّمين
متعلّم، ومع الغزاة
غاز، ومع المصلّين مصلّ، ومع المتصدّقين متصدّق. وهكذا
ينتقل في منازل
العبوديّة من عبوديّة إلى عبوديّة، وهو مستقيم على معبود واحد لاينتقل عنه إلى غيره
.
بصائر ذوي التمييز
ج 4 ص 55
قال الله تعالى:
" وما قدروا الله حق قدره " .جاء في التفسير:
وما عرفوا الله
حق معرفته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الحسن البصريّ-
رحمه الله تعالى-: من عرف ربّه أحبّه، ومن عرف الدّنيا زهد فيها، ومن خلا عن الحبّ
هذا فلأنّه اشتغل بنفسه وشهواته وذهل عن ربّه وخالقه فلم يعرفه حقّ معرفته وقصر نظره
على شهواته ومحسوساته .
الإحياء ج 4 ص
318 ، 319 (ط. الريان)
قال الله تعالى:
" وما قدروا الله حق قدره " .جاء في التفسير:
وما عرفوا الله
حق معرفته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قيل: العارف ابن
وقته. وهذا من أحسن الكلام وأخصره، فهو مشغول بوظيفة وقته عمّا مضى وصار في العدم،
وعمّا لم يدخل بعد في الوجود، فهمّه عمارة وقته الّذي هو مادّة حياته الباقية. ومن
علاماته أنّه مستوحش ممّن يقطعه عنه. ولهذا قيل:
العارف من أنس
بالله فأوحشه من الخلق، وافتقر إلى الله فأغناه عنهم، وذلّ لله فأعزّه فيهم، وتواضع
لله فرفعه بينهم، واستغفر بالله فأحوجهم إليه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قيل: العارف فوق
ما يقول، والعالم دون ما يقول. يعني: أنّ العالم علمه أوسع من حاله وصفته والعارف حاله
وصفته فوق كلامه وخبره .
بصائر ذوي التمييز
ج 4 ص 54
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال يحيى بن معاذ رضى الله عنه :
يخرج العارف من الدّنيا ولم يقض وطره من شيئين: بكاؤه على نفسه، وثناؤه على ربّه. وهذا
من أحسن ما قيل، لأنّه يدلّ على معرفته بنفسه وعلى معرفته بربّه وجماله وجلاله، فهو
شديد الإزراء على نفسه، لهج بالثّناء على ربّه .
بصائر ذوي التمييز
ج 4 ص 54
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الفيروزاباديّ رضى الله عنه :
وعلامة العارف أن يكون قلبه مرآة إذا نظر فيها رأى فيها الغيب الّذي دعا إلى الإيمان
به، فعلى قدر جلاء تلك المرآة يتراءى فيها سبحانه والدّار الآخرة والجنّة والنّار والملائكة
والرّسل، كما قيل:
إذا سكن الغدير
على صفاء ... فيشبه أن يحرّكه النّسيم
بدت فيه السّماء
بلا مراء ... كذاك الشّمس تبدو والنّجوم
كذاك قلوب أرباب
التجلّي ... يرى في صفوها الله العظيم
ومن علامات المعرفة
أن يبدو لك الشّاهد وتفنى الشّواهد، وتنجلي العلائق وتنقطع العوائق، وتجلس بين يدي
الرّبّ، وتقوم وتضطجع على التّأهّب للقائه كما يجلس الّذي قد شدّ أحماله وأزمع السّفر،
على تأهّب له، ويقوم على ذلك ويضطجع عليه.
ومن علامات العارف:
أنّه لا يأسف على فائت ولا يفرح بآت ولأنّه ينظر في الأشياء الفناء والزّوال، وأنّها
في الحقيقة كالظّلال والخيال. وقال الجنيد: لا يكون العارف عارفا حتّى يكون كالأرض
يطؤها البرّ والفاجر، وكالسّحاب يظلّ كلّ شيء، وكالمطر يسقي ما يحبّ وما لا يحبّ .
بصائر ذوي التمييز
ج 4 ص 53
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال أبو يزيد رضى الله عنه:
إنّما نالوا المعرفة بتضييع ما لهم، والوقوف مع ما له. يريد تضييع حظوظهم والوقوف مع
حقوق الله تعالى. وقال آخر:
لا يكون العارف
عارفا حتّى لو أعطي ملك سليمان لم يشغله عن الله طرفة عين. وهذا يحتاج إلى شرح، فإنّ
ما هو دون ذلك يشغل القلب، لكن إذا كان اشتغاله بغير الله لله فذلك اشتغال بالله .
بصائر ذوي التمييز
ج 4 ص 54
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الفيروزاباديّ
رضى الله عنه : من عرف الله تعالى صفا له العيش، وطابت له الحياة، وهابه كلّ شيء، وذهب
عنه خوف المخلوقين، وأنس بالله .
بصائر ذوي التمييز
ج 4 ص 52
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سئل أبو تراب رضى
الله عنه عن صفة العارف، قال: الذي لا يكدره شيء، ويصفو به كلُّ شيء
الرسالة القشيرية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سئل البسطامي رضى
الله عنه ما علامة العارف ؟
قال أن لا يفتر
عن ذكره ولا يمل من حقه
ولا يستأنس بغيره
.
نفس المصدر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سئل أبو يزيد رضى
الله عنه عن المعرفة، فقال: " إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها
أذلة " .
نفس المصدر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال بعضهم: من
عرف الله تعالى ... تبرم بالبقاء، وضاقت عليه الدنيا بسعتها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال ذو النون المصري
رضى الله عنه : ركضت أرواح الأنبياء في ميدان المعرفة فسبقت روحُ نبينا، صلى
الله عليه وسلم، أرواحَ الأنبياء عليهم السلام إلى روضة الوصال.
وقال ذو النون
المصري : أعرف الناس بالله تعالى أشدهم تحيراً فيه. ( نفس المصدر )
العارف بالله
محب لحضرة سيدنا النبى صلى الله عليه وسلم وكل من أحبه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق