قالوا عن الصبر - التصوف و الصوفية

إعلان اعلى المقالة

إعلن هنــــا

الثلاثاء، 9 يونيو 2020

قالوا عن الصبر


قالوا عن الصبر

قالوا عن الصبر

قراءة فى الرسالة القشيرية

قال الله، عزَّ وجلَّ: " واصبر وما صبرك إلا بالله " .
وأخبرنا عليُّ بن أحمد الأهوازي، قال: أخبرنا أحمد بن عبيد البصري ،  قال : حدثنا أحمد بن علي الخراز قال : حدثنا أسيد بن زيد قال : حدثنا مسعود بن سعد، عن الزيات ، عن أبي هريرة ، عن عائشة ، رضي الله عنها، رفعته ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الصبر عند الصدمة الأولى " .
وأخبرنا علي بن أحمد قال : أخبرنا بن عبيد قال : حدثنا أحمد بن عمر، قال: حدثنا محمد بن مرداس قال: حدثنا يوسف بن عطية ، عن عطاء بن أبي ميمونة ، عن أنس بن مالك ، رضي الله عنه، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الصبر عند الصدمة الأولى " .
ثم الصبر على أقسام :
  • صبر على ما هو كسب للعبد ،
  • وصبر على ما ليس بكسب له.

فالصبر على المكتسب، على قسمين :
  • صبر على ما أمر الله تعالى به ،
  • وصبر على من نهى عنه.

وأما الصبر على ما ليس بمكتسب للعبد:
فصبره على مقاساة ما يتصل به من حكم الله فيما يناله فيه مشقة.

سمعت الشيخ أبا عبد الرحمن السلمي يقول : سمعت السحين بن يحيى يقول : سمعت جعفر بن محمد يقول : سمعت الجنيد يقول : المسير من الدنيا إلى الآخرة سهل هين على المؤمن ، وهجران الخلق في جنب الله تعالى شديد ، والمسير من النفس إلى الله تعالى صعب شديد ، والصبر مع الله أشد .
وسئل الجنيد عن الصبر، فقال : هو تجرع المرارة من غير تعبيس.
وقال علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه: الصبر من الإيمان بنزلة الرأس في الجسد .

وقال أبو القاسم الحكيم : قوله تعالى : " واصبر " أمر بالعبادة ، وقوله : " وما صبرك إلا بالله " عبودية، فمن ترقىَّ من درجة لك إلى درجة بك؛ فقد انتقل من درجة العبادة إلى درجة العبودية.

قال صلى الله عليه وسلم: " بك أحيا وبك أموت " .

سمعت الشيخ أبا عبد الرحمن السلمي، يقول: سمت أبا جعفر الرازي يقول: سمعت عياشاً يقول: سمعت أحمد يقول: سألت أبا سليمان عن الصبر، فقال: والله ما نصبر على ما نحب، فكيف على ما نكره؟

وقال ذو النون: الصبر: التباعد عن المخالفات، والسكونُ عند تجرع قصص البلية، وإظهار الغنى مع حلول الفقر بساحات المعيشة.
وقال ابن عطاء: الصبر: الوقوف مع البلاء بحسن الأدب .
وقيل: هو الفناء في البلوى بلا ظهور شكوى.
وقال أبو عثمان: الصبار: الذي عوَّد نفسه الهجوم على المكاره.
وقيل: الصبر: المقام مع البلاء بحسن الصحية، كالمقام مع العافية.

وقال أبو عثمان: أحسن الجزاء على عبادة: الجزاء على الصبر، ولا جزاء فوقه، قال الله عزَّ وجلَّ: " ولنجزين الذين صبرواأجرهم بأحسن ما كانون يعملون " .
وقال عمرو بن عثمان : الصبر هو الثبات مع الله سبحانه وتعالى، وتلقي بلائه بالرحب والدعة.

وقال الخوَّاص: هو الثبات على أحكام الكتاب والسنة.
وقال يحيى بن معاذ : صبر المحبين أشدُّ من صبر الزاهدين، واعجباً، كيف يصبرون؟ وأنشدوا:
الصبر يحمد في المواطن كلها ... إلا عليك فإنه لايحمد

وقال رويم: الصبر: ترك الشكوى.
وقال ذون النون: الصبر: هو الاستعانة بالله تعالى.
سمعت الأستاذ أبا عليِّ الدقاق ، رحمه الله، يقول: الصبر كأسمه.

وأنشدني الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي، قال: أنشدني أبو بكر الرازي قال: أنشدني ابن عطاء لنفسه:
سأصبر، كي ترضى، وأتلف حسرة ... وحسبي أن ترضى ويتلفني صبري
وقال أبو عبد الله بن خفيف : الصبر على ثلاثة أقسام، متصبر، وصابر،وصبار.

وقال عليُّ بن أبي طالب، رضي الله عنه : الصبر مطية لا تكبو.

سمعت محمد بن الحسين يقول: سمعت علي بن عبد الله البصري يقول: وقف رجل على الشبليَّ فقال: أي صبر أشد على الصابرين؟ فقال: الصبر في الله عزَّ وجلَّ، فقال: لا، فقال: الصبر لله، قال: لا. قال: الصبر مع الله، قال: لا. قال: فاي شيء؟ قال: الصبر عن الله.
قال: فصرخ الشبلي صرخة طادت روحه أن تتلف.
وسمعته يقول: سمعت محمد بن عبد الله بن شاذان، يقول: سمعت أبا محمد الجريري يقول: الصبر: أن لايفرق بين حال النعمة والمحنة، مع سكون الخاطر فيهما. والتصبر: هو السكون، مع البلاء مع وجدان أثقال المحنة.
وأنشد بعضهم:
صبرت ولم أطلع هواك على صبري ..وأخفيت ما بي منك عن موضع الصبر
مخافة أن يشكو ضميري صبابتي ... إلى دمعتي سرَّاً فتجري ولا أدري

سمعت الأستاذ أبا علي الدقاق، رحمه الله، يقول: فاز الصابرون بعزِّ الدارين؛ لأنهم نالوا من الله تعالى معيته: قال الله تعالى: " إن الله مع الصابرين " .
وقيل في معنى قوله تعالى: " اصبروا وصابروا ورابطوا " الصبر: دون المصابرة، والمصابرة: دون المرابطة.
وقيل: اصبروا بنفوسكم على طاعة الله تعالى، وصابروا بقلوبكم على البلوى في الله، ورابطوا بأسراركم على الشوق إلى الله.
وقيل: أصبروا في الله، وصابروا بالله، ورابطوا مع الله.
وقيل : أوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام : تخلق بأخلاقي ، وإنَّ من أخلاقي أنني أنا الصبور.
وقيل: يجرَّع الصبر، فإن قتلك قتلك شهيداً، وإن أحياك أحياك عزيزاً.
وقيل: الصبر لله: عناء، والصبر بالله: بقاء، والصبر في الله: بلاء. والصبر مع الله وفاء، والصبر عن الله: جفاء.
وأنشدوا:
والصبر عنك فمذموم عواقبه ... والصبر في سائر الأشياء محمود
وأنشدوا:
وكيف الصبر عمن حل منى ... بمنزلة اليمين من الشمال
إذا لعب الرجال بكلِّ شيء ... رأيت الحب يلعب بالرجال

وقيل: الصبر على الطلب عنوان الظفر، والصبر في المحن علامة الفرج.
سمعت منصور بن خلف المغربي، رحمه الله، يقول: جُرِّد واحد للسياط، فلما ردَّ إلى السجن دعا ببعض أصحابه فتفل على يده، وألقى من فمه دقاق الفضة على يده فسئل، فقال: كان في فمي درهمان، وكان على حاشية الحلقة لي عين، فلم أرد أن أصيح لرؤيته إياي.. فكنت أعض على الدرهمين.. فتكسروا في فمي.
وقيل: حالك التي أنت فيها رباطك، وما دون الله تعالى أعداؤك، فأحسن المرابطة في رباط حالك.

وقيل: المصابرة :

هي الصبر على الصبر، حتى يستغرق الصبر في الصبر فيعجز الصبر عن الصبر، كما قيل: صابر الصبر فاستغاث به فصاح المحب بالصبر صبراً وقيل: حبس الشبلي وقتاً في المارستان، فدخل عليه جماعة؛ فقال: من أنتم؟ فقالوا: أحباؤك جاءوك زائرين.فأخذ يرميهم بالحجر، وأخذوا يهربون. فقال: يا كذابون، لو كنتم أحبائي لصبرتم على بلائي.
وفي بعض الأخبار. بعيني ما يتحمل المتحملون من أجلي.
وقال الله تعلى: " واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا " .

وقال بعضهم: كنت بمكة.. فرأيت فقيراً طاف بالبيت، وأخرج من جيبه رقعة، ونظر فيها، ومر، فلما كان بالغد، فعل مثل ذلك، فترقبته أياماً وهو يفعل مثل ذلك، فيوماً من الأيام طاف ونظر في الرقعة، وتباعد قليلا، وسقط ميتاً، فأخرجت الرقعة من جيبه، فإذا فيها: " واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا " .
وقيل: رؤي حدث يضرب وجه شيخ بنعله ، فقيل له : ألا تستحي !؟
تضرب وجه شيخ بمثل هذا ؟ : فقيل : جرمه عظيم . فقيل : وما ذاك ؟ فقال : هذا الشيخ يدّعي أنه يهواني، ومنذ ثلاث ما رآني.

وقال بعضهم: دخلت بلاد الهند، فرأيت رجلا بفرد عين يسمى فلانا الصبور فسألت عن حاله، فقيل: هذا في عنفوان شبابه سافر صديق له، فخرج في وداعه، فدمعت إحدى عينيه ولم تبك الأخرى، فقال لعينه التي لم تدمع: لِمَ لم تدمعي على فراق صاحبي؟ لأحرمنك النظر إلى الدنيا وغمض عينه، فمنذ ستين سنة لم يفتح عينه.

وقيل في قوله تعلى: " فاصبر صبراً جميلا " : الصبر الجميل: أن يكون صاحب المصيبة في القوم لا يدري من هو.
وقال عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، لو كان الصبر والشكر بعيرين، لم أبال أيهما ركبت.

وكان ابن شبرمة، رحمه الله، إذا نزل به بلاء قال : سحابة ثم تنقشع.
وفي الخبر، أن النبي صلى الله عليه وسلم، سئل عن الإيمان، فقال : " الصبر والسماحة " .

أبرنا الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي، رحمه الله، قال : أخبرنا محمد بن أحمد بن طاهر الصوفي قال: حدثنا محمد بن التيجاني قال: حدثنا محمد أبن إسماعيل البخاري قال: حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدَّثنا سويد بن حاتم قال:حدثنا عبد الله بن عبيد، عن عمير، عن أبيه، عن جده، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإيمان، فقال: " الصبر والسماحة " .

وسئل السري عن الصبر، فجعل يتكلم فيه، فدب على رجله عقرب، وهي تضربه بابرتها ضربات كثيرة، وهو ساكن : فقيل له : لِمَ لم تنحها؟.
فقال: استحييت من الله تعالى أن أتكلم في الصبر، ولم أصبر.

وفي بعض الأخبار: الفقراء الصبر هم جلساء الله تعالى يوم القيامة.
وأوحى الله تعالى إلى بعض أنبيائه: أنزلت بعبدي بلائي، فدعاني، فماطلته بالإجابة، فشكاني، فقلت: يا عبدي، كيف أرحمك من شيء به أرحمك.

وقال ابن عيينة في معنى قوله تعالى: " وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا " ،قال: لما أخذوا برأس الأمر جعلناهم رؤساء.

سمعت الأستاذ أبا عليٍّ الدقاق يقول: أن الصبر حده أن لا تعترض على التقدير؛ فأما إظهار البلاء على غير وجه الشكوى فلا ينافي الصبر، قال الله تعالى في قصة أيوب: " إنا وجدناه صابراً نعم العبد إنه أوًّاب " مع ما أخبر عنه تعالى أنه قال " مسنى الضر " .
وسمعته يقول: استخرج الله منه هذه المقالة: يعني قوله: " مسني الضر " ؛ لتكون متنفسا لضعفاء هذه الأمة.

وقال بعضهم: إنا وجدناه صابراً، ولم يقل صبوراً لأنه لم يكن جميع أحواله الصبر، بل كان في بعض أحواله يستلذ البلاء، ويستعذبه، فلم يكفني حال الاستلذاذ صابراً؛ فلذلك لم يقل: صبوراً.
سمعت الأستاذ أبا علي، رحمه الله، يقول: حقيقة الصبر: الخروج من البلاء على حسب الدخول فيه، مثل أيوب عليه السلام فإنه قال في آخر بلائه: " مسني الضر وأنت أرحم الراحمين " فحفظ أدب الخطاب حيث عرض يقول: " وأنت أرحم الراحمين " ولم يصرح بقوله ارحمني.

واعلم أن الصبر على ضربين :

صبر العابدين، وصبر المحبين.
  • فصبر العابدين، أحسنه: أن يكون محفوظاً، 
  • وصبر المحبين أحسنه: أن يكون مرفوضاً. وفي معناه أنشدوا:

تبين يوم البين أن اعتزامه ... على الصبر من إحدى الظنون الكواذب

وفي هذا المعنى سمعت الأستاذ أبا علي، رحمه الله، يقول: أصبح يعقوب، عليه السلام، وقد وعد الصبر من نفسه فقال: " فصبر جميل أي: فشأني صبر جميل، ثم لم يمس حتى قال: يا أسفاً على يوسف " .


قراءة فى الرِسَالَة القُشَيْرِيِّة

قالوا عن الصبر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان أسفل المقالة

إعلان متجاوب هنا

تابعنا على فيس بوك

تسميات

تواصل معنا

أخر الافكار

من أنا

authorمحب لحضرة سيدنا النبى صلى الله عليه وسلم وكل من أحبه.
أعرف المزيد ←

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

اقسام